وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ
قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً
{ وَيَسْئَلُونَكَ } أي اليهود { عَن ذِى
ٱلْقَرْنَيْنِ } اسمه الإسكندر ولم يكن نبياً { قُلْ سَأَتْلُواْ } سأقص {
عَلَيْكُم مِّنْهُ } من حاله { ذِكْراً } خبراً.
{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ
وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً }
{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى ٱلأَرْضِ }
بتسهيل السير فيها { وَءَاتَيْنَٰهُ مِن كُلِّ شَىْءٍ } يحتاج إليه { سَبَباً }
طريقاً يوصله إلى مراده.
فَأَتْبَعَ سَبَباً }
{ فَأَتْبَعَ سَبَباً } سلك طريقاً نحو المغرب.
حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ
وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا
ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً }
{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ
} موضع غروبها { وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ } ذات حمأة وهي الطين
الأسود وغروبها في العين في رأي العين وإلا فهي أعظم من الدنيا { وَوَجَدَ
عِندَهَا } أي العين { قَوْماً } كافرين { قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ } بإلهام {
إِمَّا أَن تُعَذّبَ } القوم بالقتل { وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً }
بالأسر.
قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ
ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً }
{ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ } بالشرك {
فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } نقتله { ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبّهِ فَيُعَذّبُهُ
عَذَاباً نُّكْراً } بسكون الكاف وضمها شديداً في النار.
{ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً
فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً }
{ وَأَمَّا مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحاً فَلَهُ جَزَاءً
ٱلْحُسْنَىٰ } أي الجنة والإِضافة للبيان وفي قراءة بنصب «جزاءً» وتنوينه قال
الفراء: ونصبه على التفسير أي لجهة النسبة { وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا
يُسْراً } أي نأمره بما يسهل عليه.
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً }
{ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } نحو المشرق.
{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ
ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا
سِتْراً }
{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ
} موضع طلوعها { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ } هم الزنج { لَّمْ نَجْعَل
لَّهُمْ مّن دُونِهَا } أي الشمس { سِتْراً } من لباس ولا سقف،لأن أرضهم لا تحمل
بناء ولهم سروب يغيبون فيها عند طلوع الشمس ويظهرون عند ارتفاعها.
{ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا
لَدَيْهِ خُبْراً }
{ كَذٰلِكَ } أي الأمر كما قلنا { وَقَدْ
أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ } أي عند ذي القرنين من الآلات والجند وغيرهما { خُبْراً
} علما.
حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ
وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً }
{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ
} بفتح السين وضمها هنا وَبْعدُ، جبلان بمنقطع بلاد الترك،سدّ الإسكندر ما بينهما
كما سيأتي { وَجَدَ مِن دُونِهِمَا } أي أمامهما { قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ
يَفْقَهُونَ قَوْلاً } أي لا يفهمونه إلا بعد بطء وفي قراءة بضم الياء وكسر القاف.
قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ
وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن
تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً }
{ قَالُواْٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ
وَمَأْجُوجَ } بالهمز وتركه هما اسمان أعجميان لقبيلتين فلم ينصرفا { مُفْسِدُونَ
فِى ٱلأَرْضِ } بالنهب والبغي عند خروجهم إلينا { فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً }
جُعْلاً من المال وفي قراءة خَرَاجاً { عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ سَدّا } حاجزا فلا يصلون إلينا.
{ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي
خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً }
{ قَالَ مَا مَكَّنّى } وفي قراءة بنونين من
غير إدغام { فِيهِ رَبّى } من المال وغيره { خَيْرٌ } من خَرْجِكم الذي تجعلونه لي
فلا حاجة بي إليه وأجعل لكم السد تبرعاً { فَأَعِينُونِى بِقُوَّةٍ } لما أطلبه
منكم { أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا } حاجزاً حصيناً.
آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا
سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ قَالَ ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً
قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً }
{ ءَاتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ } قَطَعهُ
على قدر الحجارة التي يُبْنى بها فبنى بها وجعل بينها الحطب والفحم { حَتَّىٰ
إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } بضم الحرفين وفتحهما وضم الأول وسكون الثاني
أي جانبي الجبلين بالبناء ووضع المنافخ والنار حول ذلك { قَالَ ٱنفُخُواْ } فنفخوا
{ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ } أي الحديد { نَارًا } أي كالنار { قَالَ ءَاتُونِى
أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } هو النحاس المذاب تنازع فيه الفعلان وحذف من الأول
لإِعمال الثاني فأفرغ النحاس المذاب على الحديد المحمى فدخل بين زبره فصارا شيئاً
واحداً.
{ فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ
وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً }
{ فَمَا ٱسْطَٰعُواْ } أي يأجوج ومأجوج {
أَن يَظْهَرُوهُ } يعلوا ظهره لارتفاعه وملاسته { وَمَا ٱسْتَطَٰعُواْ لَهُ
نَقْبًا } خرقاً لصلابته وسمكه.
قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا
جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً }
{ قَالَ } ذو القرنين { هَٰذَا } أي السد أي
الإِقدار عليه { رَحْمَةٌ مّن رَّبّى } نعمة لأنه مانع من خروجهم { فَإِذَا جَاء
وَعْدُ رَبّى } بخروجهم القريب من البعث { جَعَلَهُ دَكَّاءَ } مدكوكاً مبسوطاَ {
وَكَانَ وَعْدُ رَبّى } بخروجهم وغيره { حَقّاً } كائناً.
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي
بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً }
فال تعالى: { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ
يَوْمَئِذٍ } يوم خروجهم { يَمُوجُ فِى بَعْضٍ } يختلط به لكثرتهم { وَنُفِخَ فِى
ٱلصُّورِ } أي القرن للبعث { فَجَمَعْنَٰهُمْ } أي الخلائق في مكان واحد يوم
القيامة { جَمْعاً }.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق