السبت، 7 أبريل 2012

ذو القرنين من تفسير الجلالين




 وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً 
{ وَيَسْئَلُونَكَ } أي اليهود { عَن ذِى ٱلْقَرْنَيْنِ } اسمه الإسكندر ولم يكن نبياً { قُلْ سَأَتْلُواْ } سأقص { عَلَيْكُم مِّنْهُ } من حاله { ذِكْراً } خبراً.

{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً }

{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى ٱلأَرْضِ } بتسهيل السير فيها { وَءَاتَيْنَٰهُ مِن كُلِّ شَىْءٍ } يحتاج إليه { سَبَباً } طريقاً يوصله إلى مراده.

 فَأَتْبَعَ سَبَباً }

{ فَأَتْبَعَ سَبَباً } سلك طريقاً نحو المغرب.

 حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً }

{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ } موضع غروبها { وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ } ذات حمأة وهي الطين الأسود وغروبها في العين في رأي العين وإلا فهي أعظم من الدنيا { وَوَجَدَ عِندَهَا } أي العين { قَوْماً } كافرين { قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ } بإلهام { إِمَّا أَن تُعَذّبَ } القوم بالقتل { وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } بالأسر.

 قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً }

{ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ } بالشرك { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } نقتله { ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبّهِ فَيُعَذّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً } بسكون الكاف وضمها شديداً في النار.

{ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً }

{ وَأَمَّا مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحاً فَلَهُ جَزَاءً ٱلْحُسْنَىٰ } أي الجنة والإِضافة للبيان وفي قراءة بنصب «جزاءً» وتنوينه قال الفراء: ونصبه على التفسير أي لجهة النسبة { وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } أي نأمره بما يسهل عليه.

 ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً }

{ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } نحو المشرق.

{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً }

{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ } موضع طلوعها { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ } هم الزنج { لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مّن دُونِهَا } أي الشمس { سِتْراً } من لباس ولا سقف،لأن أرضهم لا تحمل بناء ولهم سروب يغيبون فيها عند طلوع الشمس ويظهرون عند ارتفاعها.

{ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً }

{ كَذٰلِكَ } أي الأمر كما قلنا { وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ } أي عند ذي القرنين من الآلات والجند وغيرهما { خُبْراً } علما.

 حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً }

{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } بفتح السين وضمها هنا وَبْعدُ، جبلان بمنقطع بلاد الترك،سدّ الإسكندر ما بينهما كما سيأتي { وَجَدَ مِن دُونِهِمَا } أي أمامهما { قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } أي لا يفهمونه إلا بعد بطء وفي قراءة بضم الياء وكسر القاف.

 قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً }

{ قَالُواْٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ } بالهمز وتركه هما اسمان أعجميان لقبيلتين فلم ينصرفا { مُفْسِدُونَ فِى ٱلأَرْضِ } بالنهب والبغي عند خروجهم إلينا { فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً } جُعْلاً من المال وفي قراءة خَرَاجاً { عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّا } حاجزا فلا يصلون إلينا.

{ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً }

{ قَالَ مَا مَكَّنّى } وفي قراءة بنونين من غير إدغام { فِيهِ رَبّى } من المال وغيره { خَيْرٌ } من خَرْجِكم الذي تجعلونه لي فلا حاجة بي إليه وأجعل لكم السد تبرعاً { فَأَعِينُونِى بِقُوَّةٍ } لما أطلبه منكم { أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا } حاجزاً حصيناً.

 آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ قَالَ ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً }

{ ءَاتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ } قَطَعهُ على قدر الحجارة التي يُبْنى بها فبنى بها وجعل بينها الحطب والفحم { حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } بضم الحرفين وفتحهما وضم الأول وسكون الثاني أي جانبي الجبلين بالبناء ووضع المنافخ والنار حول ذلك { قَالَ ٱنفُخُواْ } فنفخوا { حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ } أي الحديد { نَارًا } أي كالنار { قَالَ ءَاتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } هو النحاس المذاب تنازع فيه الفعلان وحذف من الأول لإِعمال الثاني فأفرغ النحاس المذاب على الحديد المحمى فدخل بين زبره فصارا شيئاً واحداً.
{ فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً }

{ فَمَا ٱسْطَٰعُواْ } أي يأجوج ومأجوج { أَن يَظْهَرُوهُ } يعلوا ظهره لارتفاعه وملاسته { وَمَا ٱسْتَطَٰعُواْ لَهُ نَقْبًا } خرقاً لصلابته وسمكه.
 قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً }

{ قَالَ } ذو القرنين { هَٰذَا } أي السد أي الإِقدار عليه { رَحْمَةٌ مّن رَّبّى } نعمة لأنه مانع من خروجهم { فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبّى } بخروجهم القريب من البعث { جَعَلَهُ دَكَّاءَ } مدكوكاً مبسوطاَ { وَكَانَ وَعْدُ رَبّى } بخروجهم وغيره { حَقّاً } كائناً.

 وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً }

فال تعالى: { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ } يوم خروجهم { يَمُوجُ فِى بَعْضٍ } يختلط به لكثرتهم { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } أي القرن للبعث { فَجَمَعْنَٰهُمْ } أي الخلائق في مكان واحد يوم القيامة { جَمْعاً }.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق