الجمعة، 13 أبريل 2012

ذو القرنين من تفسير الماوردي

تفسير النكت والعيون _ للماوردي المتوفي سنة 450 هج


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً } * { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً }

قوله عز وجل: { وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ } اختلف فيه هل كان نبياً؟ فذهب قوم إلى أنه نبي مبعوث فتح الله على يده الأرض وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكن نبياً ولا ملكاً،ولكنه كان عبداً صالحاً أحب الله وأحبه الله، وناصح لله فناصحه الله، وضربوه على قرنه فمكث ما شاء الله ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر، ولم يكن له قرنان كقرني الثور.

واختلف في تسميته بذي القرنين على أربعة أقاويل:

أحدها: لقرنين في جانبي رأسه على ما حكى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

الثاني: لأنه كانت له ضفيرتان فَسُمِّيَ بهما ذو القرنين، قاله الحسن.

الثالث: لأنه بلغ طرفي الأرض من المشرق والمغرب، فَسُمِّيَ لاستيلائه. على قرني الأرض ذو القرنين، قاله الزهري.

الرابع: لأنه رأى في منامه أنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها، فقص رؤياه على قومه فَسُمِّيَ ذو القرنين، قال وهب بن منبه.

وحكى بن عباس أن ذا القرنين هو عبد الله بن الضحاك بن معد، وحكى محمد بن إسحاق أنه رجل من إهل مصر اسمه مرزبان بن مردبة اليوناني ولد يونان بن يافث بن نوح. وقال معاذ بن جبل: كان رومياً اسمه الاسكندروس. قال ابن هشام: هو الإِسكندر وهو الذي بنى الإسكندرية.

قوله عز وجل: { إِنَّا مَكَنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ } يحتمل وجهين:

أحدهما: باستيلائه على ملكها.

الثاني: بقيامه بمصالحها.

{ وَأَتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } فيه وجهان:

أحدهما: من كل شيء علماً ينتسب به إلى إرادته، قاله ابن عباس وقتادة.

الثاني: ما يستعين به على لقاء الملوك وقتل الأعداء وفتح البلاد.

ويحتمل وجهاً ثالثاً: وجعلنا له من كل أرض وليها سلطاناً وهيبة.

{ فَأَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } * { قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً } * { وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً }

قوله عز وجل: { فَأَتْبَعَ سَبَاً } فيه أربعة أوجه:

أحدها: منازل الأرض ومعالمها.

الثاني: يعني طرقاً بين المشرق والمغرب، قاله مجاهد، وقتادة.

الثالث: طريقاً إلى ما أريد منه.

الرابع: قفا الأثر، حكاه ابن الأنباري.

{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحفص { حَمِئَةٍ } وفيها وجهان:

أحدهما: عين ماء ذات حمأة، قاله مجاهد، وقتادة.

الثاني: يعني طينة سوداء، قاله كعب.

وقرأ بن الزبير، والحسن: { فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ } وهي قراءة الباقين يعني حارة.

فصار قولاً ثالثاً: وليس بممتنع أن يكون ذلك صفة للعين أن تكون حمئة سوداء حامية، وقد نقل مأثوراً في شعر تُبَّع وقد وصف ذا القرنين بما يوافق هذا فقال:

قد كان ذو القرنين قبلي مسلماً..                   ملكاً تدين له الملوك وتسجد
بلغ المشارق والمغارب يبتغي                   أسباب أمرٍ من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها                   في عين ذي خُلُبٍ وثاطٍ حرمد
الخُلُب: الطين. والثأط: الحمأة. والحرمد: الأسود.

ثم فيها وجهان: أحدهما: أنها تغرب في نفس العين.

الثاني: أنه وجدها تغرب وراء العين حتى كأنها تغيب في نفس العين.

{ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } فيه وجهان:

أحدهما: أنه خيره في عقابهم أو العفو عنهم.

الثاني: إما أن تعذب بالقتل لمقامهم على الشرك وإما أن تتخذ فيهم حُسناً بأن تمسكهم بعد الأسر لتعلمهم الهدى وتستنقذهم من العَمَى، فحكى مقاتل أنه لم يؤمن منهم إلا رجل واحد.

{ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً } * { كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً }

قوله عز وجل: { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } قرىء بقطع الألف، وقرىء بوصلها وفيها وجهان:

أحدهما: معناهما واحد.

الثاني: مختلف. قال الأصمعي: بالقطع إذا لحق، وبالوصل إذا كان على الأثر، وإن لم يلحق.

{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ } قرىء بكسر اللام، وقرىء بفتح اللام، وفي اختلافهما وجهان:

أحدهما: معناهما واحد.

الثاني: معناهما مختلف. وهي بفتح اللام الطلوع، وبكسرها الموضع الذي تطلع منه. والمراد بمطلع الشمس ومغربها ابتداء العمارة وانتهاؤها.

{ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً } يعني من دون الشمس ما يسترهم منها من بناء أو شجر أو لباس. وكانوا يأوون إذا طلعت عليهم إلى أسراب لهم، فإذا زالت عنهم خرجوا لصيد ما يقتاتونه من وحش وسمك.

قال ابن الكلبي: وهم تاريس وتأويل ومنسك.

وهذه الأسماء والنعوت التي نذكرها ونحكيها عمن سلف إن لم تؤخذ من صحف النبوة السليمة لم يوثق بها، ولكن ذكرت فذكرتها. وقال قتادة. هم الزنج.

{ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } * { قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً } * { قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً } * { آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ قَالَ ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً }

قوله عز وجل: { حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } بالفتح قرأ ابن كثير وابو عمرو وعاصم في رواية حفص. وقرأ الباقون بين السُّدين وبالضم، واختلف فيهما على قولين.

أحدهما: أنهما لغتان معناهما واحد.

الثاني: أن معناهما مختلف.

وفي الفرق بينهما ثلاثة أوجه:

أحدها: أن السد بالضم من فعل الله عز وجل وبالفتح من فعل الآدميين.

الثاني: أنه بالضم الاسم، وبالفتح المصدر، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك. والسدان جبلان، قيل إنه جعل الروم بينهما، وفي موضعهما قولان:

أحدهما: فيما بين إرمينية وأذربيجان.

الثاني:في منقطع الترك مما يلي المشرق.

{ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } أي من دون السدين، وفي { يَفْقَهُونَ } قراءتان:

إحداهما: بفتح الياء والقاف يعني أنهم لا يفهمون كلام غيرهم.

والقراءة الثانية: بضم الياء وكسر القاف، أي لا يفهم كلامهم غيرهم.

قوله عز وجل: { قَالُواْ يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ } وهما من ولد يافث بن نوح، واسمهما مأخوذ من أجت النار إذا تأججت، ومنه قول جرير:

وأيام أتين على المطايا                   كأن سمومهن أجيج نارٍ
واسمها في الصحف الأولى ياطغ وماطغ. وكان أبو سعيد الخدري يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لاَ يَمُوتُ الرَّجُلُ منهُمْ حتى يُولَدُ لِصُلْبِهِ أَلْفُ رَجُلٍ ".

واختلف في تكليفهم على قولين:

أحدهما: أنهم مكلفون لتمييزهم.

الثاني: أنهم غير مكلفين لأنهم لو كلفوا لما جاز ألاَّ تبلغهم دعوة الإسلام.

{ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً } قرأ حمزة والكسائي: { خَرَاجاً } وقرأ الباقون { خَرْجاً } وفي اختلاف القراءتين ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الخراج الغلة، والخرج الأجرة.

الثاني: أن الخراج اسم لما يخرج من الأرض، والخرج ما يؤخذ عن الرقاب، قاله أبو عمرو بن العلاء.

الثالث: أن الخرج ما يؤخذ دفعة، والخراج ثابت مأخوذ في كل سنة، قاله ثعلب.

قوله عز وجل: { قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ } يعني خير من الأجر الذي تبذلونه لي.

{ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ } فيه وجهان:

أحدهما: بآلة، قاله الكلبي.

الثاني: برجال، قاله مقاتل.

{ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً } فيه وجهان:

أحدهما: أنه الحجاب الشديد.

الثاني: أنه السد المتراكب بعضه على بعض فهو أكبر من السد.

{ ءاتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنها قطع الحديد، قاله ابن عباس ومجاهد.

الثاني: أنه فلق الحديد، قاله قتادة.

الثالث: أنه الحديد المجتمع، ومنه الزَّبور لاجتماع حروفه في الكتابة، قال تبع اليماني:

ولقد صبرت ليعلموه وحولهم                   زبر الحديد عشيةً ونهاراً
{ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ } قال ابن عباس ومجاهد والضحاك: الصدفان: جبلان، قال عمرو بن شاش:

كلا الصدفين ينفذه سناها                   توقد مثل مصباح الظلام

وفيهما وجهان:

أحدهما: أن كل واحد منهما محاذ لصاحبه، مأخوذ من المصادفة في اللقاء، قاله الأزهري.

الثاني: قاله ابن عيسى، هما جبلان كل واحد منهما منعزل عن الآخر كأنه قد صدف عنه.

ثم فيه وجهان:

أحدهما:: أن الصدفين اسم لرأسي الجبلين

الثاني: اسم لما بين الجبلين.

ومعنى قوله: { سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ } أي بما جعل بينهما حتى وارى رؤوسهما وسوّى بينهما.

{ قَالَ انفُخُوا } يعني أي في نار الحديد.

{ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً } يعني ليناً كالنار في الحر واللهب.

{ قَالَ ءَاتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } فيه أربعة أوجه:

أحدها: أن القطر النحاس، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك.

الثاني: أنه الرصاص حكاه ابن الأنباري.

الثالث: أنه الصفر المذاب، قاله مقاتل، ومنه قول الحطيئة:

وألقى في مراجل من حديد                   قدور الصُّفر ليس من البُرام
الرابع: أنه الحديد المذاب، قاله أبو عبيدة وأنشد:

حُساماً كلون الملح صار حديده                   حراراً من أقطار الحديد المثقب
وكان حجارته الحديد وطينه النحاس.

{ فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً } * { قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً } * { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً }

قوله عز وجل: { فَمَا اسْطَاعُواْ أَن يَظْهَرُوهُ } أي يعلوه. { وَمَا اسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً } يعني من أسفله، قاله قتادة، وقيل إن السد وراء بحر الروم بين جبلين هناك يلي مؤخرهما البحر المحيط. وقيل: ارتفاع السد مقدار مائتي ذراع، وعرضه نحو خمسين ذراعاً وأنه من حديد شبه المصمت. ورُوي أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي رَأَيتُ السَّدَّ: " قَالَ: انعَتهُ " قَالَ: هُوَ كَالبَرَدِ المُحَبَّر، طَريقُه سَودَاءُ وَطَريقُه حَمْرَاءُ، " قَالَ قَدْ رَأَيتَهُ ".

قوله عز وجل: { قَالَ هَذا رَحْمَةٌ مِن رَّبِّي } يحتمل وجهين:

أحدهما: أن عمله رحمة من الله تعالى لعباده.

الثاني: أن قدرته على عمله رحمة من الله تعالى له.

{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ } قال ابن مسعود: وذلك يكون بعد قتل عيسى عليه السلام الدجال في حديث مرفوع. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إِنَّهُم يَدْأَبُونَ فِي حَفْرِهِم نَهَارُهُم حَتَّى إِذَا أَمْسَوْا وَكَادُواْ يُبْصِرُونَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالُوا نَرْجِعُ غَداً فَنَحْفُرُ بَقِيَّتَهُ، فَيَعُودُونَ مِنَ الغَدِ وَقَدِ اسْتَوَى كَمَا كَانَ، حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قَالُواْ: غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ نَنْقُبُ بَقيَّتَهُ، فَيَرْجِعُونَ إِلَيهِ فَيَنْقُبُونَهُ فِإِذِنِ اللَّهِ، فَيَخْرُجُونَ مِنهُ عَلَى النَّاسِ مِن حُصُونِهِم، ثُمَّ يَرْمُونَ نبلاً إِلَى السَّمَاءِ فِيَرْجِعُ إِلَيهِم فِيهَا أَمْثَالُ الدِّمَاءِ، فَيَقُولُونَ قَدْ ظَفَرْنَا عَلَى أَهْلِ ألأَرْضِ وَقَهَرْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ تَعالَى عَلَيهِم مَّا يَهْلِكُهُم ".

{ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي } فيه قولان:

أحدهما: يوم القيامة، قاله ابن بحر.

الثاني: هو الأجل الذي يخرجون فيه.

{ جَعَلَهُ دَكَّآءَ } يعني السد، وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أرضاً، قاله قطرب.

الثاني: قطعاً، قاله الكلبي.

الثالث: هدماً حتى اندك بالأرض فاستوى معها، قاله الأخفشس، ومنه قول الأغلب:

هل غيرغادٍ غاراً فانهدم                   
قوله عز وجل: { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنهم القوم الذين ذكرهم ذو القرنين يوم فتح السد يموج بعضهم في بعض.

الثاني: الكفار في يوم القيامة يموج بعضهم في بعض.

الثالث: أنهم الإِنس والجن عند فتح السد.

وفيه وجهان:

أحدهما: يختلط بعضهم ببعض.

الثاني: يدفع بعضهم بعضاً، مأخوذ من موج البحر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق